في وسط الاضطرابات الحادثة في هذه الأيام، لنا كمؤمنين أن نطمئن ونتشجع ولا نخاف وذلك لعدة أسباب
أولاً: لأن الرب معنا
فهو الذي وعدنا قائلاً: «دُفع إليَّ كل سلطان … وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر» (مت28: 20)
وعندما نتحقق من هذه الرفقة الإلهية في كل ظروف الحياة وكل لحظات اليوم، فإننا سنشعر بالأمان. وهو لن يتركنا أو ينسانا أو يتخلَّى عنا في أحرج المواقف
وقد استطاع بنو قورح أن يتغنوا قائلين: «الله لنا ملجأ وقوة. عونًا في الضيقات وجد شديدًا. لذلك لا نخشى ولو تزحزحت الأرض، ولو انقلبت الجبال إلى قلب البحار. تعج وتجيش مياهها. تتزعزع الجبال بطموها … الله في وسطها فلن تتزعزع. يعينها الله عند إقبال الصبح … رب الجنود معنا ملجأنا إله يعقوب» (مز46: 1-7)
ثانيًا: لأن الله مسيطرٌ على الأحداث
لقد قال عنه نبوخذ نصر: «يعزل ملوكًا ويُنصِّب ملوكًا»، و«أن العليَّ متسلطٌ في مملكة الناس» (دا 2: 21؛ 4: 17).
ويقول الرب في أمثال 8: 15 «بي تملك الملوك وتقضي العظماء عدلاً. بي تترأس الرؤساء والشرفاء. كل قضاة الأرض».
وكما يهتم بالأحداث الكبيرة فهو أيضًا يهتم بالعصافير وبشعور رؤوسنا، فلا يسقط عصفور على الأرض بدون إذن الآب، وكذلك لا تسقط شعرة من رؤوسنا (مت10: 29؛ لو12: 6، 7؛ 21: 18).
وحتى إذا حدثت بلوى محرقة فإن الكتاب يقول: «هل تحدث بلية في مدينة والرب لم يصنعها» (عا3: 6). وعندما حلَّت النكبات بأيوب كان ذلك بسماح من الله، وهو الذي سمح للشيطان وأعطاه الإذن ليُجرِّب أيوب. وقبل ذلك كان يُسيِّج حوله بسور منيع. ولقد قال المرنم: «رفعت الأنهار يارب رفعت الأنهار صوتها (بالفيضانات) ترفع الأنهار عجيجها (زئيرها)»، ولكن ما يطمئننا أن «الرب في العُلى أقدر» (مز93: 4). وهو الذي جمع الريح في حفنتيه، وصرَّ المياه في ثوب (أم4:30). وهو الذي وضع للبحر حدَّه فلا تتعدَّى المياه تُخمه (أمثال 29:8)
ثالثًا: لأن الله يخرج من الشر خيرًا
فعندما يسمح الله بالشر، فإنه يتحكَّم فيه ويستطيع أن يخرج منه خيرًا. وهذا ما حدث مع يوسف الذي بيع عبدًا، وفي الحديد دخلت نفسه، لكنه في النهاية استطاع أن يقول لإخوته: «أنتم قصدتم لي شرًا. أما الله فقصد به خيرًا، لكي يفعل كما اليوم ليحيي شعبًا كثيرًا» (تكوين 50: 20)
رابعًا: لأن قدرة الله لحساب شعبه
يمكن للمؤمنين أن يستفيدوا من هذه القدرة غير المحدودة عندما يلجأون إلى الرب بالصلاة. وهذا ما عمله كل من حزقيا ويهوشافاط . فعندما أتى سنحاريب ملك أشور بجيش عظيم إلى أورشليم لكي يأخذها، وأرسل رسائل ليُهدِّد شعب الله . أخذ حزقيا الرسائل وصعد بها إلى بيت الرب ونشرها أمام الرب وصلى، فاستجاب له الرب، فخرج ملاك الرب وضرب من جيش أشور مئة وخمسة وثمانين ألفًا، ورجع ملك أِشور إلى أرضه بخزي الوجه ثم قتله ابناه (2مل19)
وعندما اجتمع جمهور كثير من بني موآب وبني عمون وسكان ساعير على يهوشافاط للمحاربة، خاف يهوشافاط وجعل وجهه ليطلب الرب ونادى بصوم في كل يهوذا، ثم صلى يهوشافاط فقام بنو عمون وموآب على سكان جبل ساعير ليحرموهم ويهلكوهم، ولما فرغوا من سكان جبل ساعير ساعد بعضهم على إهلاك بعض (2أخ20)
يوجد عدة أنواع من الخوف
اولاً: الخوف الطبيعي: هذا يرتبط بالتكوين الإنساني الضعيف والهش، وقد وضعه الله فـي داخلنا وذلك لحمايتنا ولكي نتحذَّر من الخطر، (خر4: 3؛ عا3: 8).
ثانياً: مخافة الرب: التي تستلزم العيشة الدائمة في محضر الله، واعتبار قداسته، وطاعة وصاياه، واحترامه ومهابته. فهو الآب السماوي الذي يحكم بغير محاباة ويؤدب البنين، كما قال بطرس للمؤمنين: «فسيروا زمان غربتكم بخوف» (1بط 17:1). ولقـد شهد الرب عـن إبراهيـم قائلاً: «الآن علمت أنك خائف الله» (تك22: 12). وهو أول من حمل هذا اللقب
ثالثاً: خوف الراعي على الرعية: فالراعي يسهر على سلامة القطيع، وكذلك الخادم الحقيقي يخاف على النفوس الغالية من المعلمين الكذبة، وقال بولس لمؤمني كورنثوس: «ولكنني أخاف أنه كما خدعت الحية حواء بمكرها هكذا تُفسَد أذهانكم عن البساطة التي في المسيح» (2كو11: 3)
رابعاً: خوف بسبب فعل الشر: يقول الكتاب: «إن فعلت الشر فَخَف» (رو13: 5). وفي هذا الجزء يتكلَّم عن أهمية الخضوع للسلاطين الفائقة، وأن من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله. وأن من يفعل الشر لا بد أن يخاف من الحاكم لأنه لا يحمل السيف عبثًا إذ هو خادم الله منتقم للغضب من الذي يفعل الشر
خامساً: خوف الاحترام والتقدير لكل مَنْ في منصب: يقول الكتاب: «الخوف لمن له الخوف» (رو13: 7). أي يجب على المؤمنين أن يظهروا الاحترام والتقدير لمن هم في مراكز السلطة
سادساً: خوف الارتعاد في حضور الرب: وهذا نجده في موسى على جبل سيناء عندما قال: «أنا مرتعبٌ ومرتعد» (خر20: 18-21؛ عب12: 18-21)، وفي التلاميذ على جبل التجلي عندما جاءت سحابة المجد وظلَّلتهم «فسقطوا على وجوهم وخافوا جدًا» (مت17: 1-8)
سابعاً: خوف عدم الإيمان: هذا ما حدث مع التلاميذ عندما كانوا في السفينة، وحدث نوءٌ عظيم وكانت الأمواج تضرب إلى السفينة حتى صارت تمتلئ، وكان الرب في مؤخر السفينة على وسادة نائمًا. «فأيقظوه وقالوا له يا معلم أما يهمك أننا نهلك. فقام وانتهر الريح والبحر فصار هدوء عظيم، ثم قال لهم: ما بالكم خائفين هكذا. كيف لا إيمان لكم» (مر4: 35-40)
وليس فقط عدم الإيمان ينشئ الخوف بل أيضًا قلة الإيمان. وهذا ما حدث مع بطرس عندما مشى على الماء بناء على أمر الرب، ولكن لما رأى الريح شديدة خاف وابتدأ يغرق، فوبخه الرب قائلاً: «يا قليل الإيمان لماذا شككت؟» (مت14: 30)
إن أكثر الوعود التي تكررت في الكتاب هي هذا الوعد، وقد ورد لأول مرة في قول الرب لأبرام بعد نصرته على الأعداء: «لا تخف يا أبرام أنا ترس لك» (تك15: 1). وفي العهد الجديد قاله الرب يسوع لتلاميذه: «يا أحبائي لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد وبعد ذلك ليس لهم ما يفعلون أكثر» (لو12: 4). وأيضًا «لا تخافوا!! أنتم أفضل من عصافير كثيرة» (لو 7:12)، وأيضًا «لا تخف أيها القطيع الصغير، لأن أباكم قد سر أن يعطيكم الملكوت» (لو 32:12). والمرة الأخيرة التي ورد فيها هذا الوعد الجميل في الكتاب هي قول الرب لملاك كنيسة سميرنا في عصر الاضطهاد المر
لا تخف البتة مما أنت عتيدٌ أن تتألم به. (رؤ 10:2)
Comments
Post a Comment